vendredi 22 septembre 2017

حديث الجمعة ؛ في علل القومنة التي استهدفت الإسلام

 قد يتبادر إلى ذهن الباحث في أسباب التمثل « الجِهادي » للإسلام أن مردّ التآويل الضيقة لنصوصه لا يتجاوز قابليتها الموضوعية لتحمل و حمل الاتجاه التفسيري الإقليمي حيث ينتصب الإسلام في مقابل اليهودية و  » النصرانية  » و هو تصور ضيق أنكره علماء من أمثال الشيخ محمد بن عبد الله دراز القائل بعالمية الإسلام (محمد بن عبد الله دراز ، نظرات في الإسلام ) تبعه في ذلك أبو القاسم حاج حمد (أبو القاسم حاج حمد، العالمية الإسلامية الثانية ) و طه جابر العلواني (الخصوصية و العالمية في الفكر الإسلامي المعاصر ) ، و يسوى الإسلام بالعروبة ، فيصطبغ ببعاداتها و تقاليدها و هو ما حذر منه القرآن عند تصديه لضروب شتى من الممارسات الجاهلية و تحذيره منها ، مسبعدين بذلك التأثير الممكن للعامل الوراثي المجموعي الذي يسميه كارل غوستاف يونغ ( اللاوعي الجمعي ) .
لكن المسألة في رأيي أبعد عن الإسلام و أدنى إلى العروبة التي تمثل خمس الإسلام من حيث عدد المعتنقين ، و إلا بم تفسر اقتصار سيادة هذا الفهم كما يتجلى في ترجماته الواقعية على الدائرة العربية ، و خاصة الشرقية منها ، و من هنا يتحتم علينا ،إن نحن رمنا الفهم ، إعادة الاعتبار إلى عامل المخيال الجمعي العربي أولا ، و إلى العامل المكاني عوضا عن الزماني ثانيا ، و أرى أن يوسف زيدان في كتابه اللاهوت العربي نجح في استجلاء ملامح تأثير المكان ( الهلال الخصيب ) في بلور الرؤى المختزلة للدين في الإقليم حيث يتلبس بعادات الإقليم التي تكون هي المنطلق و النتيجة المنتظرة في عملية تفسير النص و إن اقتضى الأمر ليّ عنقه و تحويل وجهته الدلالية . ثم كيف تفسّر ظاهرة اتساب كبار المصلحين الإسلاميين من أمثال الأفغاني و عبده و الدهلوي و ابن عاشور إلى بيئة غير البيئة العربية .
ومن استتباعات هذا التمثل الانكفائي الذي حشر المسلمين في الزاوية أن الفقه الإسلامي قد تم ابتناؤه على مبادئ أصولية لاواعية كالعرض و الشرف و المروؤة و النخوة الشهامة كما أبرز ذلك محمد شحرور ملاحظا غيابها في القرآن .
غير أنه ما كان للرسالة الإسلامية العبر-كونية و الموجهة للعالمين أن تستعصي على هضم كبار الصحابة على غرار الإمام علي الذي انتبه في نهج البلاغة إلى المصدر الشيطاني لهذه الباراديغمات ، و حسبك قوله في الخُطبة القاصعة محذرا من الشيطان و مكائده .  » فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وَأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَنَخَوَاتِهِ وَنَزَغَاتِهِ وَنَفَثَاتِهِ ( ……) فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ وَأَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ وَأَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ وَأَغْرَقَ إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ الشَّدِيدِ وَرَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ فَقَالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ وَرَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ وَإِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ وَفُرْسَانُ الْكِبْرِ وَالْجَاهِلِيَّةِ « 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

موت إيفان إيليتش لليون تولستوي : مقاربة غير نقدية

إذا ما نحن رُمنا وصمَ كتابات ''ليون تولستوي'' بأحد النعوت ، ملتمسين أدناها إلى التعبير عن كنهها ،  لن نتردد كثيرا في اختيار...